الثلاثاء، 28 مايو 2013


بواسطة ‏ناصر الشيحان‏ -/ منقول من الشبكة
المنج البنيوي: ينسب الغربيون البنيوية Structure إلى بنية Structuralism
الذي يعني البناء أو الطريقة التي يقام بها مبنى Stuere مشتقة من الأصل اللاتيني
. ( م عين( ١
وإن النسب إلى بنية في اللغة العربية هو بنائي ، وبنيوي ، وقد استخدمها
العرب أيضًا للدلالة على التشييد والبناء ، واستخدم علماء اللغة والنحو صورًا منها
تتصل ببناء الجملة وتركيبها( ٢) ، من ذلك حديثهم عن الارتباط الوثيق بين المبنى
والمعنى ، وأن أي تحول أو تغيير في البنية يتبعه تحول أو تغيير في الدلالة ، كقولهم
إن زيادة المبنى يتبعها زيادة في المعنى ، وكذلك حديث النحاة عن المعرب والمبني ،
والمبني للمجهول والمبني للمعلوم ...
أما في العصر الحديث فيرجع الدارسون الفضل في نشأة الدراسات البنيوية إلى
إذ يرون أن آراءه ، Ferdinand De Sassure عالم اللغة السويسري فرديناند دي سوسير
في التفرقة بين اللغة والكلام ، والدال والمدلول ، وفي أولوية النسق أو النظام على
باقي عناصر الأسلوب ، وفي التفرقة بين التزامن والتعاقب هي التي أسست لنشأة
الدراسات البنيوية .
كذلك يربطون استخدام مصطلح بنية في العصر الحديث بالمؤتمر الذي عقده
الشكلانيون الروس لعلوم اللسان في مدينة لاهاي سنة ١٩٢٨ م، ويرون أن رومان
هو أول من استخدم هذا المصطلح بمعناه الحديث ، وذلك Roman Jakobson جاكبسون
. ( في البيان الذي أصدره في أعمال المؤتمر سنة ١٩٢٩ م( ٣
وقد رفض الشكلانيون الروس فكرة توظيف الأدب لنصرة معتقدات معينة ،
ونادوا بضرورة اقتصار النظر على المضمون الجمالي للأدب ، أي الشكل ، وعدم
الالتفات إلى أية مضامين أو مفاهيم أو أخلاقيات أو معتقدات ، وقد عبر جاكبسون عن
. ١) راجع : صلاح فضل : نظرية البنائية في النقد الأدبي ، ط ١ ، دار الشروق ، القاهرة ١٩٩٨ م، ص ١٢٠ )
. ٨٩/ ٢) راجع : لسان العرب ، ط ١ ، دار صادر ، بيروت ١٤ )
– ٣) راجع مث ً لا : - يمنى العيد : في معرفة النص ، الطبعة الثالثة ، منشورات دار الآفاق الجديدة ، بيروت ١٩٨٥ م ، ص ٢٧ )
. ٣٢
- عبد العزيز حمودة : المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد ٢٣٢ ، الكويت ١٩٩٨ م ، ص
. ١٢٣ – ١٢٠
ذلك في قوله : "إن هدف علم الأدب ليس هو الأدب في عمومه ، وإنما أدبيته ؛ أي تلك
. ( العناصر المحددة التي تجعل منه عم ً لا أدبيًا"( ٤
كذلك لا ينظر البنيويون خارج النص ، ومبدأهم الذي ينطلقون منه في الدراسة
هو : لا شيء خارج النص . إنهم لا ينظرون إلى التاريخ أو أثر العوامل الخارجية في
بناء دلالات النص ، وكذلك لا ينظرون إلى ذاتية المؤلف أو ذوق المتلقي .
إن نظام بناء النص هو محط اهتمام الدارس البنيوي ، حيث ينظر إلى الأبنية
التي تنجم عن اجتماع بعض العناصر في النص ، والنظام الذي يتشكل من اطراد هذه
( الأبنية ، لذلك تعرف البنيوية بأنها "مجموعة من العلاقات الثابتة بين عناصر متغيرة"( ٥
، وأنه على الدارس البنيوي أن يبحث عن العلاقات التي تُعطي للعناصر المتحدة قيمة
وضعها في مجموع منظم ، شريطة أن يكون تحليله للنص تحلي ً لا شموليًا ، وألاّ يعتبر
العناصر التي يتكون منها وحدات مستقلة ، لأن البنية ليست مجرد مجموعة من
العناصر المتآزرة ، بل هي كلّ تحكمه علاقاته الداخلية وفق المبدأ المنطقي الذي يقضي
بأولوية الكل على الأجزاء ، وبالتالي لا يمكن فهم أي عنصر في البنية خارج الوضع
. ( الذي يشغله في الشكل العام( ٦
وعلى هذا الأساس فإن "البنيوية الأدبية في جوهرها تركز على أدبية الأدب ،
وليس على وظيفة الأدب أو معنى النص ، أي أن الناقد البنيوي يهتم في المقام الأول
بتحديد الخصائص التي تجعل الأدب أدبًا ، التي تجعل القصة أو الرواية أو القصيدة
نصًا أدبيًا ؛ ولكي يحقق ذلك عليه أن يدرس علاقات الوحدات والبنى الصغيرة بعضها
ببعض داخل النص ، في محاولة للوصول إلى تحديد للنظام أو البناء الكلي الذي يجعل
النص موضوع الدراسة أدبًا ، وهو نظام يفترض الناقد البنيوي مقدمًا أنه موجود ، وبعد
ذلك يحاول تطبيق خصائص النظام الكلي العام على النصوص الفردية ، معطيًا لنفسه
. ( حق التعامل بحرية مع بنى النص الصغرى ووحداته"( ٧
ذلك كان مفهوم البنيوية الأدبية ومجال اهتمامها ، أما أعلامها فكثر لا يتسع
المقام لذكرهم واستقصاء آرائهم ، لذلك سأقصر حديثي على أشهرهم ، وهنا لا بد من
. ٤) صلاح فضل : نظرية البنائية في النقد الأدبي ٤٢ )
. ٥) عدنان النحوي : الأسلوب والأسلوبية ، ط ١ ، دار النحوي للنشر والتوزيع ، الرياض ١٩٩٩ م ، ص ٤٠ )
. ٦) صلاح فضل : نظرية البنائية ١٣٣ )
. ١٨٢ – ٧) المرايا المحدبة ١٨١ )
الذي ي عد الرائد الأول ، Ferdinand De Sassure الإشارة إلى فرديناند دي سوسير
للبنيوية بالرغم من أنه لم يستخدم مصطلح بنية في محاضراته أو بحوثه ، وذلك لأن
آراءه في علم اللغة الداخلي وتمييزه بين اللغة كنظام واللغة كحدث فعلي يمارسه شخص
معين هي أساس نشأة الدراسات البنيوية .
١٩٨٠ م) – ١٩١٥) Roland Barthes أما الناقد والكاتب الفرنسي رولان بارت
فبالرغم من تجاوزه البنيوية وما بعد البنيوية من مدارس نقدية( ٨) إلا أن اسمه ارتبط
بالمنهج البنيوي ، ذلك لأن آراءه أضحت معلمًا من معالم الدرس البنيوي ، هذه الآراء
التي تتوزع على محاور العملية الإبداعية الثلاثة الرئيسة : المبدع والنص ، والمتلقي ،
وذلك على النحو الآتي :
١- المتلقي : يضع بارت المتلقي في بؤرة إهتمامه ، ويجعله شريكًا في إنتاج النص ،
وليس مجرد مستهلك لغوي للنص الأدبي ، ذلك لأن بارت لا يستهدف القارئ
العادي ، بل يستهدف بالنص المكتوب القارئ المثقف الذي يستطيع فك شفرات
النص ، وسبر أغواره ، وكشف معاني الجمال ومواضع الإبداع فيه ، القارئ
الذي يستطيع قراءة شاعرية النص .
٢ – النص : يتشكل النص عند بارت من نسيج لغوي ، وهو بلاغ لغوي مكتوب على
أساس فرز العلامة اللسانية ، أي أن لكل نص أدبي مظهران ؛ مظهر دال يتمثل
في الحروف وما يتكون منها ألفاظ وعبارات دالة ، ومظهر مدلول ؛ وهو الجانب
المجرد أو المتصور في الذهن .
٣ - المبدع : يدعو بارت إلى تحرير النص من سلطة المؤلف وربطه بسلطة القارئ ،
وفي ضوء هذه الدعوى يمكن فهم مقولة بارت المشهورة حول موت المؤلف ،
لأنه لا يقصد إلغاء المؤلف تمامًا ، وإنما يقصد عدم الرجوع لأي شيء خارج
النص ، لكي لا يتأثر القارئ بسيرة المؤلف أو أي معطيات أخرى توجه دفة
القراءة ، لذلك رأينا بارت يتحدث عن القارئ المثقف الذي يستطيع فهم ما كان
. ( يعنيه المؤلف( ٩
٨) راجع : إديث كريزويل : عصر البنيوية من ليفي شتراوس إلى فوكو ، ترجمة جابر عصفور ، طبعة دار سعاد الصباح ، )
. القاهرة ١٩٩٣ م ، ص ٢٩
٩) راجع : - رولان بارت : مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص ، ترجمة منذر عياشي ، الطبعة الأولى ، مركز الإنماء )
الحضاري ، حلب ، سورية ١٩٩٣ م ، ص ١٠ وما بعدها .
. - صلاح فضل : نظرية البنائية ١٤٢
أحد رواد البنيوية المؤثرين ، أو Roman Jakobson كذلك يعد رومان جاكبسون
كما يقول صلاح فضل : "يلخص بعض الباحثين تاريخ نشأة البنائية وتشكلاتها المختلفة
في شخصيته ومغامراته العلمية ، ابتداء من مطلع شبابه في موسكو حتى تخرج على
( يديه أجيال من الباحثين في أوربا وأمريكا ، وأصبح الحجة الأولى والمرجع الأخير"( ١٠
.
لقد بدأ مع زملائه من الشكلانيين الروس في موسكو في وضع أسس الدرس
الأسلوبي ، وأسهم بشكل فاعل في حلقات براغ – أقامها علماء لغة من بلاد مختلفة مثل
روسيا وهولندا وألمانيا وفرنسا في تشيكوسلوفاكيا - وما نجم عنها من دراسات أسلوبية
منذ مؤتمرها الأول في عام ١٩٢٨ م ، وقد رأينا في أثناء حديثنا عن المنهج الأسلوبي
كيف أسهمت آراؤه في نشأة المدرسة الأسلوبية البنائية ، كذلك كانت نظراته في بناء
لغة النص الأدبي من أهم دعائم المنهج البنيوي ، خاصة حديثه عن الوظيفة الشعرية
للخطاب في النص الأدبي ، وعن العلاقات الداخلية التي تنشأ بين عناصره الحاضرة ،
والعلاقات الخارجية التي تربط تلك العناصر الحاضرة بعناصر أخرى غائبة ، ثم حديثه
. ( المهم عن ثنائية الرسالة والرمز في النص الأدبي ...( ١١
١٩٠٨ – ) فيعد زعيم البنائية ) Cl. Levi Strauss أما كلود ليفي شتراوس
الفرنسية ، ومؤسس البنائية الأنثروبولوجية ، حيث عمم مفهومه عن البنية على جميع
فروع المعرفة البشرية ، وتوسع في نظرته للبنائية لتشمل الكون بأسره ، لأنه يرى أن
البنيوية مجرد منهج يمكن تطبيقه على أي نوع من الدراسات .
في نيويورك Roman Jakobson لقد التقى في البداية مع رومان جاكبسون
وأثمر لقاؤهما الكثير من عناصر البنيوية الحديثة وأركانها ، ثم انتقل للبحث في
سيكولوجية المعرفة منطلقًا من نظرته الواسعة للبنيوية ، هذه النظرة التي تتخذ البنيوية
منهجًا علميًا للمعرفة في كافة العلوم الإنسانية ، في علم النفس ، وعلم الاجتماع ، واللغة
، والأدب ، والتاريخ.
وقد وظف الفكر البنيوي في دراساته الاجتماعية ، هذا الفكر الذي يعتبر اللغة
فوق الواقع والتاريخ ، وأنها ترتبط بأساسها الاجتماعي ، كما تمثل عادات وتقاليد
. ١٠ ) نظرية البنائية ٧٥ )
. ٣٧ – ١١ ) راجع : إدريس بلمليح : المختارات الشعرية وأجهزة تلقيها ١٩ )
المجتمع الذي أنتجها ، ليس ذلك فحسب ؛ بل يرى شتراوس أن كل الظواهر الثقافية
التي تسود المجتمع هي من إبداع اللغة .
لقد اشتمل كتابه "الإنثروبولوجيا البنيوية" على أهم أسس وقواعد البنائية
الأنثروبولوجية ، وهو في هذا ينطلق من تعريف البنيوية بأنها محاولة علمية منهجية في
مجال الإنثروبولوجيا خاصة ، والعلوم الإنسانية عامة ، وأن البنية تعني مجموعة
العلاقات الباطنية المكونة لأي موضوع من الموضوعات ، فبنية المجتمع – مث ً لا – هي
منظومة العلاقات والروابط بين الأفراد والجماعات كالقرابة والزواج وصلة الرحم
وغيرها، وهذه العلاقات تخضع لقوانين عامة أو أعراف يمكن بواسطتها الاستدلال على
تلك الروابط بين – الأفراد – الأجزاء ، فالمجتمع - في رأيه – يتكون مما يشبه الرموز
أو العبارات اللغوية التي لا يمكن معرفة أجزائها إلا بواسطة الشكل العام أو الإطار
. ( الكلي للمجتمع( ١٢
١٩٨٤ م) – ١٩٢٦) Michael Foucault وقد اتخذ المفكر الفرنسي ميشيل فوكو
من المنهج البنيوي أساسًا للربط بين دراسة التاريخ ونظرية المعرفة ، وانطلق في
رؤيته للتاريخ من تعريفه للبنيوية بأنها مجموعة من العلاقات الثابتة بين عناصر متغيرة
، وأن هذه العلاقات يمكن أن ينشأ على منوالها عدد لاحصر له من النماذج ، لذلك
رأيناه يرفض آراء العديد من البنيويين حول استقلالية الخطاب وانغلاقه ، وتحديد
الخطاب بالمستوى الابستمولوجي الثقافي الضيق ، ويرى أن الخطاب بنية إدراكية لا
شعورية ذات طابع فكري خالص ، تنمو وتتطور وفق نظام داخلي خاص ، وهو وسيلة
لقوة( ١٣ ) ، تتبناه مجموعة أفراد داخل المجتمع يشتركون في الأهداف والمصالح ،
ويمثلون نسيجًا اجتماعيًا وثقافيًا متميزًا داخل المجتمع الإنساني في لحظة تاريخية
. ( محددة( ١٤
. ١٢ ) للاستزادة راجع : - إديث كريزويل : عصر البنيوية من ليفي شتراوس إلى فوكو ٣٥ )
- كلود ليفي شتراوس : الإنثروبولوجيا البنيوية ، ترجمة مصطفى صالح ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي ،
٤٥ وما بعدها . / دمشق ١٩٨٣ م ، ٢
- فؤاد زكريا ، الجذور الفلسفية للبنائية ، الطبعة الثانية ، دار قرطبة للطباعة والنشر، الدار البيضاء، المغرب ١٩٨٦ م ،
. ١٥ – ص ١٤
١٣ ) يقصد بالقوة المعتقد أو الأيدلوجيا ، ويكتسب الخطاب قوته من خلال قوة وهيمنة الشريحة أو الطبقة التي تتبناه . )
. ١٤ ) إديث كروزويل : عصر البنيوية ٢٩٠ )
وقد اختلف فوكو مع العديد من البنيويين في مفهوم القوة والبعد التاريخي في
الخطاب ، فينما يؤكدون – رومان جاكبسون وليفي شتراوس وجاك ديريدا وجان لاكان
وغيرهم – على وجود نمط واحد من أنماط البنية ، وأن هذا النمط يتسم بالشمولية التي
تختصر جميع أوجه النشاط الاجتماعي في شبكة علاقات الخطاب الداخلية ، وأن هذه
البنية الإدراكية الشمولية لا تقتصر على الخطاب التاريخي ، بل تستمر وتتواصل لتشمل
المعرفة العالمية .
يرفض فوكو فكرة وجود تلك البنية الإدراكية الشمولية خارج التاريخ ، مثلما
يرفض وجود نمط واحد من أنماط البنية ، وفكرة الشمولية والاستمرار ، ويتحدث عن
الانقطاعات المعرفية ، ويرى أن كل حقبة من حقب التاريخ سادتها معرفة معينة ، وكل
حقبة من حقب تاريخ الثقافة الإنسانية تنتج منظومتها من المعايير والقيم والمفاهيم
الخاصة ، أي تنتج خطابها المعرفي الخاص الذي يحدد جميع الممارسات والفعاليات
. ( داخل مجتمع تلك الحقبة( ١٥
لقد كان لرأي ميشيل فوكو في الخطاب ولمفهومه عن الحقب المعرفية -
الابستمولوجية - والانقطاعات المعرفية أثر كبير على الدراسات النقدية والأدبية وتاريخ
الأدب ، وكذلك على ظهور التاريخانية الجديدة - في ثمانينات القرن الماضي –
وتنظيراتها النقدية وأطروحاتها الفكرية حول مفهوم التاريخ والتطور التاريخي والثقافة
. ( وآليات قراءة النصوص الأدبية وتأويلها( ١٦
لقد تعددت اتجاهات البنيوية ، وتقاطعت مذاهب روادها واتباعها، وشواهد ذلك
عالم البنية التحويلية – Noam Chomsky عديدة منها ما نراه من اتجاه ناعوم تشومسكي
التوليدية – وجهة تختلف عن المفاهيم البنيوية التي رأيناها عند من سبق ذكرهم ، فهو
يبدأ من العبارة والكلمة بينما بدأوا من النسق اللغوي ، كذلك يتفرد في رأيه أن الإنسان
المتكلم هو المولّد للكلمات والعبارات ، وأنه صاحب الدور الفاعل في صنع اللغة وإيجاد
توليدات جديدة لا تنتهي ، وهو بهذا الرأي يتقاطع مع البنيوية القائمة على الأنظمة
. ( والأنساق الثابتة ذات الدوائر المغلقة( ١٧
. ٢٩١ – ١٥ ) عصر البنيوية ٢٩٠ )
١٦ ) من أعلام هذه المدرسة غرينبلات لويس مونرو وجوناثان غولدنبرغ وستيفن أرغل وليونارد نيتنهاوس . )
. ١٧ ) راجع : صلاح فضل : نظرية البنائية ٩٧ )
١٩٨٠ م) – ١٨٩٦) Jean Piaget وكذلك اتجاه البنيوي الفرنسي جان بياجيه
الذي اشترط أن تتسم البنية بثلاث خصائص ، هي : الكلية والتحول والتنظيم الذاتي ،
فهو يرى أن البنية تتكون من عناصر داخلية خاضعة لقوانين النسق ، وأن هنالك سلسلة
من التغيرات تحدث داخل النسق ، وأن البنية تنظم نفسها لتحفظ وحدتها وتساهم في
. ( طول بقائها...( ١٨
١٩٨١ م) عالم – ١٩٠١) J. Lacan وفي هذا المقام يشار أيضًا إلى جاك لاكان
النفس البنيوي الذي تميز بالوثبات الفكرية ، وعدم الثبات على رأي ، والذي يرى أن
لقب بنيوي يشكل خرقًا لحريته في التفكير .
٢٠٠٤ م) الذي انتقل من البنيوية إلى – ١٩٣١) j. Derrida وكذلك جاك ديريدا
التفكيكية ، أهم حركة من حركات ما بعد البنيوية وأكثرها إثارة للجدل في النقد الأدبي
...
والقائمة تنوء بأعلام رواد البنيوية وما بعد البنيوية ، مثل لوي التوسير ، وبابك
، وبول ريكور ، وبول فاليري ، وستيفن غرينبلاث ، وهارولد بلوم ، وهارتمان ،
. ( وجولدمان ، وماركس بينس ...( ١٩
لقد انصب اهتمام النقاد البنيويين على لغة الأدب ، لأنها في نظرهم أساس
تكوينه ، ولم يهتموا في تحليلاتهم بالأفكار التي يتكون منها، ولا بالمشاعر والآراء التي
يعبر عنها ، بل اهتموا بالجسد اللغوي للنص الأدبي ، وانطلقوا في مقارباتهم النقدية من
منطلق اللغة ، وليس مما وراء اللغة من عناصر لا ترتبط مباشرة بمادة الأعمال الأدبية
، وقد وضعوا في حسبانهم تنحية البحث التاريخي في الأدب حتى يتفرغوا للبحث في
عوامل أدبية الأدب ، أي البحث في "الأدب كنظام أو بنية مستقلة بذاتها ، لتحديد
. ( أنماطها المميزة ، وكشف القوانين التي تتيح لها أداء المعنى"( ٢٠
١٨ ) راجع : ديفيد بشْبندر : نظرية الأدب المعاصر وقراءة الشعر ، ترجمة عبد المقصود عبد الكريم ، الهيئة المصرية العامة )
. ٥٩ – للكتاب ١٩٩٦ م ، ص ٥٦
. ٤٨ – ٨٧ . - عصر البنيوية ٢٠٦ . - الأسلوب والأسلوبية ٣٨ – ١٩ ) راجع : - يمنى العيد : في معرفة النص ٢٧ )
. - نظرية البنائية ١٧٨ . - المرايا المحدبة ١٤
. ١٤٩ - – عبد السلام المسدي : قضية البنيوية ، طبعة دار الجنوب للنشر، تونس ١٩٩٥ م، ١٤٧
. ٢٠ ) ديفيد بشْبندر : نظرية الأدب المعاصر وقراءة الشعر ٥٦ )
كذلك انطلقوا من اعتبار الأعمال الأدبية أبنية كلية ، وأن النقد الأدبي ينبغي أن
ينظر إلى الأدب كظاهرة قائمة في لحظة معينة ، وأن أبنيته تمثل نظامًا شام ً لا ، وأن
تحليل الأبنية الكلية يعني إدراك علائقها الداخلية ، ودرجة ترابطها ، والعناصر
المنهجية فيها ، ثم الوقوف على ما يترتب على طريقة تركيبها من وظائف جمالية
متعددة .
لذلك لا يكترث الناقد البنيوي بأي شيء خارج النص ، لا بالمؤلف وسياقه
النفسي ، ولا بالمجتمع وضروراته الخارجية ، ولا بالتاريخ وصيرورته ، ويصب جام
اهتمامه على العناصر التي تجعل الأدب أدبًا ، تلك العناصر التي يعتبرها ماثلة في
النص ، التي تحدد جنسه الفني ، وتتكيف مع طبيعة تكوينه ، وتحدد مدى كفاءته في
.( أداء وظيفته الجمالية( ٢١
وهكذا فإن مهمة الناقد البنيوي هي النظر في لغة النص الأدبي ليتبين مدى
تماسكها وتنظيمها المنطقي والرمزي ، ومدى قوتها أو ضعفها ، بغض النظر عما
ينطوي عليه المضمون من أفكار ومشاعر ، فهو ينظر في ظواهر الإبداع الأدبي من
المنظور اللغوي والفني والجمالي ، يحكم على الظاهر ولا يلتفت للغائب ، مفترضًا
غياب المؤلف ، أو موته عند البعض ، واحتجاب باقي العناصر والمؤثرات الخارجية
التي يراها أصحاب المناهج الأخرى ذات أثر بالغ في النص الأدبي والعملية الإبداعية
عامة .
أما أدوات الناقد البنيوي أو مفاهيم البنيوية – كما تسميها يمنى العيد - فيمكن
: ( إجمالها على النحو الآتي( ٢٢
١ – النسق : ويقصد به البنية ككل ، وليس العناصر التي تتكون منها البنية ، والبنية لا
تعني مجموع العناصر بل تعني العلاقات التي تنظم حركة هذه العناصر ، لأن
العنصر خارج البنية غيره داخلها، وإن أي عنصر لغوي تتحدد قيمته بموقع
وجوده في منظومة العلاقات داخل النص ، فالمرأة أو الطلل مث ً لا كرموز هي
عناصر لغوية تختلف دلالتها وقيمتها مفردة عنها داخل بنية نص أدبي ، كذلك
تختلف دلالتها وقيمتها في نص جاهلي عنها في نص مملوكي أو حديث ...
. ١١٠ – ٢١ ) راجع مث ً لا : عبد السلام المسدي : قضية البنيوية ١٠٨ )
. ٣٧ – ٢٢ ) لقد استندنا في إجمال هذه الأدوات على ما بلورته يمنى العيد في كتابها : في معرفة النص ٣٢ )
والناقد البنيوي ينظر في علاقة كل عنصر بباقي العناصر داخل البنية ،
ويستكشف قيمته ودلالته التي اكتسبها من خلال موقعه في شبكة العلاقات التي
تنظم عناصر النص الأدبي ، هذه العلاقات هي التي تكون بنية النص ، وتنتج
النسق .
٢ – التزامن : ويقصد به زمن حركة العناصر فيما بينها داخل البنية ، أي حركة
العناصر في زمن واحد هو زمن نظامها ، ويرتبط التزامن بما هو متكون وليس
بما هو في طور التكون ، بما هو بنية وليس بما سيصير بنية ، بنية منتظمة
الحركة ، متبلورة النسق ، تحكمها قوانينها الخاصة ، "فإذا كان استمرار النظام
يفترض استمرار البنية وثبات نسقها ، فإن التزامن يرتبط بهذا الثبات الذي يشكل
. ( حالة"( ٢٣
ويسعى الناقد البنيوي إلى عزل البنية للكي يتمكن من رصد حركة
العناصر اللغوية وطريقة تآلفها في هذه البنية ، وكشف نظامها ، والتعرف على
القوانين التي تحكم هذا النظام .
٣ – التعاقب : لا يمكن فهم التعاقب بمعزل عن التزامن ، وإذا كان التزامن يشير إلى
استقرار البنية فإن التعاقب يعني استمرارها ، لأن المقصود بالتعاقب هو زمن
تخلخل البنية وتهدم عنصر من العناصر المكونة لها ، الأمر الذي يؤدي إلى
انفتاح البنية على الزمن ، حتى تستعيد البنية نفسها من خلال عنصر بديل عن
العنصر الذي تهدم ، الأمر الذي يكفل استمرار البنية ، لذلك فإن التعاقب يرتبط
بزمن تغيير العنصر وليس زمن تغيير البنية ككل .
والناقد البنيوي وفق هذا المفهوم يهتم برصد تعاقب البنى المهدمة ، وينظر
في تطورها التاريخي وقدرتها على التجدد والاستمرار .
١- الطابع اللاواعي للظواهر أو الآلية : ويعني في التحليل البنيوي تفسير الحدث
بالرجوع إلى علة وجوده ، أي تفسيره على مستوى البنية ، فوجود الحدث في بنية
تتسم بنسق من العلاقات وفق نظام معين له صفة الاستقرار والاستمرار يعني
استقلاليته ، بمعنى أنه محكوم في وجوده بعقلانية مستقلة عن وعي الإنسان وإرادته
، مرتبط بالآلية الداخلية للبنية .
. ٢٣ ) يمنى العيد : في معرفة النص ٣٣ )
إن استخدام المنهج البنيوي في مقاربة النصوص الأدبية - الشعرية والنثرية –
يستدعي فهمًا متعمقًا للأدوات السابقة مجتمعة ، وإدراكًا واعيًا لكيفية استخدامها في
استنطاق النصوص واستخراج مكنونها ، ثم على الناقد البنيوي أن يمهد لمقاربته النقدية
بتحديد البنية موضوع الدراسة وعزلها ، هذه البنية التي قد تكون قصيدة أو ديوان شعر
أو رواية ... ، ثم عليه أن يعزل البنية عن مجالها الخارجي المتعلق بالتاريخ أو
الظروف أو المبدع ، وذلك انسجامًا مع مبدأ البنيوية القائل : "لا شيء خارج النص" .
ثم يشرع الناقد في تحليل البنية – النص الأدبي - هادفًا إلى الكشف عن
عناصرها ، فيتتبع الرمز – مثلا – ويجتهد في الوصول إلى دلالاته ، ويدرس أنساق
تركيب الصورة ، كما يدرس الموسيقى ويكشف عن قيمتها وعلاقتها بالنسيج اللغوي
للبنية أو النص ، ويقف على علاقات هذا النسيج في إطار النسق الخاص به .
ويمكن للناقد أن يقوم بمجموعة من المقاربات للكشف عن مفاصل البنية ، و
أشكال التكرار فيها ، وطبيعة الصورة الشعرية وحجمها ، وهذا كله من خلال بنية
الدلالات اللغوية ، ودراسة العناصر في نطاق العلاقة القائمة فيما بينها وليس العناصر
ذاتها .
فالناقد البنيوي حينما يدرس الصورة الشعرية - مثلا - في مستواها اللغوي
يسعى إلى الكشف عن الدلالات التي ينتظمها المحور الأفقي ، وهي دلالات تتعلق
بالجذر التركيبي أو الأصل اللغوي أو المادة اللغوية ، ثم كشف الدلالات التي تتعلق
بالمحور العمودي ، وهي تتعلق بالإيحاءات وتداعيات المعاني والدلالات .
ومن خلال دراسة هذه العناصر ، وكشف أنساق العلاقات بينهما ، ورؤية
العنصر في سياق النص ، يمكن أن يصل إلى ما يحكم هذه العلاقات ، ويتوصل إلى
. ( رؤية المبدع وموقفه( ٢٤
ويقترح بعض البنيويين ترتيب مستويات دراسة النص الأدبي على النحو التالي
:
- المستوى الصوتي : يدرس الحروف ورمزيتها وتكويناتها الموسيقية من نبر وتنغيم
وإيقاع .
. ٣٩ – ٢٤ ) راجع : يمنى العيد : في معرفة النص ٣٥ )
- المستوى الصرفي : يدرس الوحدات الصرفية ووظيفتها في التكوين اللغوي والأدبي
خاصة .
- المستوى المعجمي : يدرس الكلمات لمعرفة خصائصها الحسية ، والتجريدية ،
والحيوية ، والمستوى الأسلوبي .
- المستوى النحوي : يدرس تأليف الجمل ، وتركيبها ، وطرق تكوينها ، وخصائصها
الدلالية والجمالية .
- مستوى القول : ويهتم بتحليل تراكيب الجمل الكبرى لمعرفة خصائصها الأساسية
والثانوية .
- المستوى الدلالي : ويعني بتحليل المعاني المباشرة وغير المباشرة ، والصور
المتصلة بالأنظمة الخارجة عن حدود اللغة ، التي ترتبط بعلم النفس والاجتماع
وتمارس وظيفتها على درجات من الأدب والشعر .
- المستوى الرمزي : وتقوم فيه المستويات السابقة بدور الدال الجيد الذي ينتج مدلولا
. ( أدبيا جديدا يقود بدوره إلى المعنى الثاني أو ما يسمى باللغة داخل اللغة( ٢٥
وهكذا فإن دراسة بنية النص الأدبي تسعى إلى الوصول للخصائص اللغوية
للنص الأدبي ، لأن هذه الخصائص - في نظر البنيوية - تشكل نسقًا فرديًا أنتجه كاتب
النص ، هذه الخصائص التي يمكن الوصول إليها من خلال دراسة القيم التعبيرية
والعلاقات التي تحددها ، كعلاقة الكلمات بالموضوع ، أو علاقات الكلمات ببعضها
البعض ، أو علاقة الكلمات باللغة ... ثم تسعى للبحث في علاقة هذا النسق الفردي مع
النسق الكلي أو النظام الكلي للغة العامة ، وذلك من خلال رصد الانزياحات والفوارق
التي تشير إلى خصائص هذا النص الفردي وتميزه عن اللغة العامة كنص جمالي .
بقي أن نقول في هذا المقام أن البنيوية قد أثارت جد ً لا واسعًًا بين الدارسين ،
وواجهت الكثير من الاعتراضات ، وإن أبرز هذه الاعتراضات تتعلق بتعريف البنيوية
للأدب بأنه جسد لغوي ، أو مجموعة من الجمل كما يرى رولان بارت . وكما يقول
شكري عزيز الماضي : "كون اللغة مادة الأدب لا يعني بحال أن الأدب هو اللغة ،
. ٢٥ ) راجع مث ً لا : ديفيد بشبندر : نظرية الأدب المعاصر ٦٦ )
فالحجر هو مادة التمثال لكن التمثال ليس مجرد حجر ، ومن العبث أن نعرف التمثال
. ( بأنه جسد حجري"( ٢٦
كذلك الدعوى إلى تحرير النص من سلطة المؤلف ، أو مقولة رولان بارت عن
موت المؤلف ، التي أثارت جد ً لا لم ينته صداه في الوطن العربي ، وجعل العديد من
الدارسين يبالغون في فهم هذه المقولة وفي ردة فعلهم التي وصلت عند البعض إلى
رفض المنهج البنيوي جملة.
ونحن نرى أن هذه المقولة لا تعني ما ذهبوا إليه ، وأن رولان بارت استخدم
لغة المجاز في مقولته لكي يشدد على ما ذهب إليه البنيويون من ضرورة تنحية المؤلف
، لأن تنحية المؤلف مؤقتًا – في المنهج البنيوي – تحول دون تأثر الدارس بسيرة
المؤلف ، أو أي معلومات من خارج النص ، قد تؤثر على دراسته ، وهذا رأي العديد
. ( من الدارسين( ٢٧
ومما يؤخذ على المنهج البنيوي أيضًا إغفال أثر التاريخ ، والظروف الاجتماعية
، وباقي العوامل الخارجية في بناء النص ، وأنه لا يأخذ في الحسبان أهمية المتلقي في
بناء دلالات النص ، وذوقه الشخصي في تقويم النص واستكناه جماله ، وذلك لأن
البنيوية ترى أن النص كيانًا مستق ً لا مغلقًا منتهيًا في الزمان والمكان ، أي ترى النص
منقطعًا عن مبدعه ومجتمعه وبيئته ، إنها ترى النص ساكنًا غير متطور ، لا يتأثر ولا
يؤثر ، لذلك تلغي تاريخية النص ولا تنظر إلى تطور الأشكال الأدبية ، يتساوى في
نظرها النص الجاهلي مع النص الحديث ، تهتم فقط باكتشاف نظام النص أو بنيته
الأساسية ، ولا ترى حاجة إلى الكشف عن الوظيفة الاجتماعية للنص ، أو ما يتصل
. ( بالجوانب الإبداعية للغة والكاتب( ٢٨
وغني عن الشرح أن تعريف البنيوية للأدب بأنه جسد لغوي ، ورأيها في تنحية
المؤلف ، وعزل النص عن روافده الخارجية ، كخلعه من جذوره التاريخية ، وفصله
٢٦ ) شكري عزيز الماضي : في نظرية الأدب ، الطبعة الأولى ، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع ، لبنان ١٩٨٦ م ، ص )
. ١٩٢
٢٧ ) راجع : - رولان بارت : مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص ١٠ وما بعدها . )
. - صلاح فضل : نظرية البنائية ١٤٢
. ١٩٣ – ٢٨ ) راجع : - شكري عزيز الماضي : في نظرية الأدب ١٩٢ )
. ١١٠ – – عبد السلام المسدي : قضية البنيوية ١٠٨
. ٤١ – – يمنى العيد : في معرفة النص ٣٧
عن الظروف الاجتماعية التي نشأ في ظلها ، وعدم الاعتراف بذاتية مؤلفه ، وذوق
متلقيه الشخصي ... هي أهم أسباب قصور هذا المنهج ، وعجزه عن استقصاء جميع
دلالات النص ، الأمر الذي يجعل هذا المنهج محتاجًا إلى مناهج أخرى تستكمل ما
يعجز عن الوصول إليه ، وتربط بين داخل النص وخارجه ، أو كما يقال رؤية الداخل
من الخارج ، ورؤية الخارج من الداخل .

 النص وتعدّد القراءات محمد محمود إبراهيم تبدو السمة الأساسية للقراءة هي الاختلاف والتباين بين أنماطها، فليس هناك قراءة وحيدة للنص، وإنما هنا...