السبت، 31 مايو 2014

يا زماناً في الصالحيةِ سمحا

يا زماناً في الصالحيةِ سمحا *** أينَ مني الغوى و أينَ الفتونُ؟ 
يا سريري و يا شراشفَ أمي *** يا عصافيرُ يا شذا يا غصونُ؟
يا زواريبَ حارتي خبئيني *** بين جفنيكِ فالزمانُ ضنينُ
و اعذريني إذا بدوْتُ حزيناً *** إنَّ وجهَ المحبِّ وجهٌ حزينُ
هاهي الشامُ بعدَ فرقةِ دهرٍ *** أنهرٌ سبعةٌ و حورٌ عينُ 
النوافيرُ في البيوتِ كلامٌ *** و العناقيدُ سكرٌ مطحونُ
و السماءُ الزرقاءُ دفترُ شعرٍ *** و الحروفُ التي عليهِ سنونو 
هلْ دمشقُ كما يقولونَ كانَتْ *** حينَ في الليلِ فكّرَ الياسمينُ؟
آهِ يا شامُ كيفَ أشرحُ ما بي *** و أنا فيكِ دائماً مسكونُ؟
سامحيني إنْ لمْ أكاشفك بالعشقِ *** فأحلى ما في الهوى التضمينُ
نحنُ أسرى معاً و في قفصِ الحبِّ *** يعاني السجّانُ و المسجونُ
يا دمشقُ التي تقمّصْتُ فيها *** هلْ أنا السرو أم أنا الشربينُ؟ 
أم أنا الفلُّ في أباريقِ أمي *** أم أنا العشبُ و السحابُ الهتونُ؟
أم أنا القطةُ الأثيرةُ في الدارِ *** تلبّي إذا دعاها الحنينُ؟ 
يا دمشقُ التي تفشّى شذاها *** تحتَ جلدي كأنّهُ الزيزفونُ
سامحيني إذا اضطربْتُ فإني *** لا مقفّىً حبي ولا موزونُ
و ازرعيني تحتَ الضفائرِ مشطاً *** فأريكِ الغرامَ كيفَ يكونُ؟
قادمٌ من مدائنِ الريحِ وحدي *** فاحتضنّي كالطفلِ يا قاسيونُ
احتضنّي و لا تناقشْ جنوني *** ذروةُ العقلِ يا حبيبي الجنونُ
احتضنّي خمسينَ ألفاً و ألفاً *** فمعَ الضمِّ لا يجوزُ السكونُ
أهيَ مجنونةٌ بشوقي إليها *** هذه الشامُ أم أنا المجنونُ؟
~
~ نزار قباني ~

 النص وتعدّد القراءات محمد محمود إبراهيم تبدو السمة الأساسية للقراءة هي الاختلاف والتباين بين أنماطها، فليس هناك قراءة وحيدة للنص، وإنما هنا...