الأربعاء، 12 فبراير 2014

و منْ مذهبي حبُّ الديارِ لأهلها وللنّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ


أبِيتُ كَأنّي لِلصَّبَابَة ِ صَاحِبُ

و للنّومِ مذْ بانَ الخليطُ ، مجانبُ

وَمَا أدّعِي أنّ الخُطُوبَ تُخِيفُني

لَقَدْ خَبّرَتْني بِالفِرَاقِ النّوَاعِبُ

و لكنّني ما زلتُ أرجو و أتّقي

وَجَدَّ وَشِيكُ البَيْنِ وَ القَلْبُ لاعِبُ

وما هذهِ في الحبِّ أولَ مرة ٍ

أسَاءَتْ إلى قَلبي الظّنُونُ الكَوَاذِبُ !

عليَّ لربعِ " العامرية " وقفة ٌ

تُمِلّ عَليّ الشّوْقَ وَ الدّمعُ كاتِبُ

فلا ، وأبي العشاقِ ، ما أنا عاشقٌ

إذا هيَ لَمْ تَلْعَبْ بِصَبرِي المَلاعِبُ

ومنْ مذهبي حبُّ الديارِ لأهلها

وَللنّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ !!

عتادي لدفعِ الهمِّ نفسٌ أبية ٌ

وَقَلبٌ على مَا شِئتُ مِنْهُ مُصَاحِبُ

حَسُودٌ عَلى الأمرِ الذي هُوَ عَائِبُ

وَ خُوصٌ كأمْثَالِ القِسِيّ نَجَائِبُ

تكاثرَ لوّامي على ما أصابني

كأنْ لم تنبْ إلا بأسري النوائبُ !

يقولونَ : " لمْ ينظرْ عواقبَ أمرهِ "

و مثلي منْ تجري عليهٍِ العواقبُ

ألمْ يعلمِ الذُلّانُ أنَّ بني الوغى

كَذاكَ ، سَليبٌ بِالرّمَاحِ وَ سَالِبُ

أرى ملءَ عيني الرّدى فأخوضهُ

إذِ المَوْتُ قُدّامي وَ خَلْفي المَعَايِبُ

وَإنّ وَرَاءَ الحَزْمِ فِيهَا وَ دُونَهُ

مَوَاقِفَ تُنْسَى دُونَهُنّ التّجَارِبُ

وأعلمُ قوماً لو تتعتعتُ دونها

لأجهَضَني بالذّمّ مِنهُمْ عَصَائِبُ

ومضطغنٍ لمْ يحملِ السرَّ قلبهُ

تَلَفّتَ ثمّ اغْتَابَني، وَ هوَ هَائِبُ

تردّى رداءَ الذلِّ لمَّـا لقيتهُ

كما تتردّى بالغبارِ العناكبُ

و منْ شرفي أنْ لا يزالَ يعيبني

حسودٌ على الأمرِ الذي هوَ عاتبُ

رَمَتْني عُيُونُ النّاسِ حَتّى أظُنّهَا

ستحسدني ، في الحاسدينًَ ، الكواكبُ

فَلَسْتُ أرَى إلاّ عَدُوّاً مُحارباً

  وآخرَ خيرُ منهُ عندي المحاربُ

وَ يَرْجُونَ إدْرَاكَ العُلا بِنُفُوسِهِمْ

وَ لَمْ يَعْلَمُوا أنّ المَعَالي مَوَاهِبُ !!

فكمْ يطفئونَ المجدَ و اللهُ موقدٌ

وَ كَمْ يَنْقُصُونَ الفَضْلَ وَ اللَّهُ وَاهبُ

و هلْ يدفعُ الإنسانُ ما هوَ واقعٌ

وَ هَلْ يَعْلَمُ الإنسانُ ما هوَ كاسِبُ ؟

و هلْ لقضاءِ اللهِ في الخلقِ غالبٌ

و هلْ لقضاءِ اللهِ في الخلقِ هاربُ ؟

وَ لا ذَنبَ لي إنْ حارَبَتني المَطالِبُ

و هلْ يرتجي للأمرِ إلا َّرجالهُ

وَ يأتي بصَوْبِ المُزْنِ إلاّ السّحائِبُ !؟

و عنديَ صدقُ الضّربِ في كلِّ معركٍ

و ليسَ عليَّ إنْ نبونَ المضاربِ

إذا كانَ "سيفُ الدولة ِ" الملكُ كافلي

فلا الحَزْمُ مَغلوبٌ و لا الخصْمُ غالِبُ

إِذا اللَهُ لَم يَحرُزكَ مِمّا تَخافُهُ

فَلا الدُرعُ مَنّاعٌ وَ لا السَيفُ قاضِبُ

وَ لا سابِقٌ مِمّا تَخَيَّلتَ سابِقٌ

وَ لا صاحِبٌ مِمّا تَخَيَّرتَ صاحِبُ

عَلَيَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ أَنعُمٌ

أَوانِسُ لَم يَنفِرنَ عَنّي رَبائِبُ

أَأَجحَدُهُ إِحسانُهُ فِيَّ إِنَّني

لَكافِرُ نُعمى إِن فَعَلتُ مُوارِبُ

لَعَلَّ القَوافي عُقنَ عَمّا أَرَدتُهُ

فَلا القَولُ مَردودٌ وَ لا العُذرُ ناضبُ

وَلا شَكَّ قَلبي ساعَةً في اِعتِقادِهِ

وَ لا شابَ ظَنّي قَطُّ فيهِ الشَوائِبُ

تُؤَرِّقُني ذِكرى لَهُ وَ صَبابَةٌ

وَ تَجذُبُني شَوقاً إِلَيهِ الجَواذِبُ

وَ لي أَدمُعٌ طَوعى إِذا ما أَمَرتُها

وَ هُنَّ عَواصٍ في هَواهُ غَوالِبُ

فَلا تَخشَ سَيفَ الدَولَةِ القَرمَ أَنَّني

سِواكَ إِلى خَلقٍ مِنَ الناسِ راغِبُ

فَلا تَلبَسُ النُعمى وَغَيرُكَ مُلبِسٌ

وَ لا تُقبَلُ الدُنيا وَ غَيرُكَ واهِبُ

وَلا أَنا مِن كُلِّ المَطاعِمِ طاعِمٌ

وَ لا أَنا مِن كُلِّ المَشارِبِ شارِبُ

وَلا أَنا راضٍ إِن كَثُرنَ مَكاسِبي

إِذا لَم تَكُن بِالعِزِّ تِلكَ المَكاسِبُ

وَلا السَّيِّدُ القَمقامُ عِندي بِسَيِّدٍ

إِذا اِستَنزَلَتهُ عَن عُلاهُ الرَغائِبُ !!

أَيَعلَمُ ما نَلقى ؟ نَعَم يَعلَمونَهُ

عَلى النَأيِ أَحبابٌ لَنا وَ حَبائِبُ !

أَأَبقى أَخي دَمعاً أَذاقَ كَرىً أَخي ؟

أَآبَ أَخي بَعدي مِنَ الصَبرِ آئِبُ ؟

بِنَفسي وَ إِن لَم أَرضَ نَفسي لَراكِبٌ

يُسائِلُ عَنّي كُلَّما لاحَ راكِبُ

قَريحُ مَجاري الدَمعِ مُستَلَبُ الكَرى

يُقَلقِلُهُ هَمٌّ مِنَ الشَّوقِ ناصِبُ

أَخي لا يُذِقني اللَهُ فِقدانَ مِثلِهِ

وَ أَينَ لَهُ مِثلٌ وَ أَينَ المُقارِبُ

تَجاوَزَتِ القُربى المَوَدَّةُ بَينَنا

فَأَصبَحَ أَدنى ما يُعَدُّ المُناسِبُ

أَلا لَيتَني حُمِّلتُ هَمّي وَ هَمُّهُ

وَ أَنَّ أَخي ناءٍ عَنِ الهَمِّ عازِبُ

فَمَن لَم يَجُد بِالنَفسِ دونَ حَبيبِهِ

فَما هُوَ إِلّا ماذِقُ الوُدِّ كاذِبُ

أَتاني مَعَ الرُكبانِ أَنَّكَ جازِعٌ

وَ غَيرُكَ يَخفى عَنهُ لِلَّهِ واجِبُ

وَما أَنتَ مِمَّن يُسخِطُ اللَهَ فِعلُهُ

وَ إِن أَخَذَت مِنهُ الخُطوبُ السَّوالِبُ

وَ إِنّي لَمِجزاعٌ خَلا أَنَّ عَزمَةً

تُدافِعُ عَنّي حَسرَةً وَ تُغالِبُ

وَ رِقبَةَ حُسّادٍ صَبَرتُ لِوَقعِها

لَها جانِبٌ مِنّي وَ لِلحَربِ جانِبُ

وَكَم مِن حَزينٍ مِثلِ حُزني وَ والِهٍ

وَ لَكِنَّني وَحدي الحَزينُ المُراقِبُ

وَ لَستُ مَلوماً إِن بَكَيتُكَ مِن دَمي

إِذا قَعَدَت عَنّي الدُموعُ السَّواكِبُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

تَناقَلُ بي فيها إِلَيكَ الرَّكائِبُ

.

أبو فراس الحمداني

ليست هناك تعليقات:

 النص وتعدّد القراءات محمد محمود إبراهيم تبدو السمة الأساسية للقراءة هي الاختلاف والتباين بين أنماطها، فليس هناك قراءة وحيدة للنص، وإنما هنا...